"أتاي" المغربي، ذلك المشروب الدافئ الذي يجمعنا ويروي عطشنا، هو أكثر من مجرد عادة يومية، إنه جزء لا يتجزأ من تقاليدنا وكرم ضيافتنا. وفي زحمة العلامات التجارية التي تملأ رفوف المتاجر، نجد خيارات تناسب كل الأذواق والميزانيات، ومن بينها يبرز اسم "شاي دراعة"، خاصة بعبواته الصغيرة وسعره الاقتصادي. فما هي قصة هذا الشاي؟ ومن أين يأتي؟ وهل يمكننا معرفة جودته؟ دعونا نتعرف عن قرب على شاي دراعة.
من نبتة الشاي الأم إلى أنواع متعددة
الشاي الأخضر (أساس شاي دراعة): هو النوع السائد في المغرب لتحضير "أتاي". للحفاظ على لونه الأخضر ونكهته العشبية، تُوقف عملية الأكسدة (التخمير) بسرعة بعد القطف عن طريق تعريض الأوراق للحرارة (بالبخار أو التحميص). بعد ذلك، تُلف الأوراق (غالباً على شكل "شعرة" أو كريات صغيرة "Gunpowder") وتُجفف.الشاي الأسود: يخضع لأكسدة كاملة، حيث تُترك الأوراق لتذبل وتتفاعل مع الأكسجين لفترة أطول قبل التجفيف، مما يكسبها لونها الداكن ونكهتها القوية.الشاي الأحمر (الأولونغ Oolong): يقع في منطقة وسطى بين الأخضر والأسود، حيث يتعرض لأكسدة جزئية ومُتحكم بها (المدة تختلف كثيراً، وذكر 48 ساعة هو مثال لأحد الأنواع). هذا يمنحه تنوعاً كبيراً في النكهات.الشاي الأبيض: يُعتبر الأنقى والأندر، ويُصنع عادةً من البراعم الصغيرة والأوراق الأولى. تتم معالجته بأقل تدخل ممكن (ذبول وتجفيف طبيعي) للحفاظ على نكهته الرقيقة والمرهفة.
رحلة الشاي: من الصين إلى المغرب عبر "شاي دراعة"
بلد المنشأ: الغالبية الساحقة من الشاي الأخضر المستهلك في المغرب، بما في ذلك "شاي دراعة"، مصدره الرئيسي هوجمهورية الصين الشعبية . الصين هي مهد الشاي وأكبر منتج ومصدر له في العالم.الاستيراد والتعبئة المحلية: لا يُزرع الشاي بكميات تجارية في المغرب. الشركات المغربية، مثل تلك التي تنتج علامة "شاي دراعة"، تستورد الشاي الصيني الأخضر (عادةً نوع الشعرة) بكميات ضخمة في أكياس كبيرة. داخل المغرب، تقوم هذه الشركات بتنقيته أحياناً، ثم تعبئته في العبوات المألوفة بالأحجام المختلفة ووضع علامتها التجارية الخاصة عليه.مصادر عالمية أخرى: إلى جانب الصين، توجد دول أخرى مهمة في إنتاج الشاي عالمياً مثل سريلانكا (شاي سيلان)، الهند (شاي أسام ودارجيلينغ)، وتايوان (شاي الأولونغ).
سر الأرقام: كيف تكشف جودة الشاي من العلبة؟
الرقم الأول (أقصى اليمين): يرمز إلىالمصنع أو منطقة الإنتاج في الصين.الرقم الثاني: هو المؤشر الرئيسيلدرجة جودة الشاي . القاعدة الذهبية:كلما كان الرقم أصغر، كانت الجودة أعلى وأفضل . (مثلاً، 1 أو 2 جودة عالية، بينما 6 أو 7 أو أعلى تشير لجودة أقل).الرقمان الثالث والرابع (أقصى اليسار): يمثلانالسنة التي تم فيها اعتماد هذه التركيبة أو "الوصفة" المحددة للشاي. (لا يعني سنة إنتاج العلبة).
9366: جودة رديئة (الرقم 6).9371: جودة ضعيفة (الرقم 7).4011: جودة متوسطة (الرقم 1 هنا أفضل بكثير من 6 أو 7).41022: جودة جيدة (ملاحظة: هذا المثال بـ 5 أرقام، النظام الشائع هو 4. قد يتبع نظاماً أكثر تفصيلاً أو أن الصفر له دلالة خاصة. الأرقام الصغيرة مثل '02' تشير لجودة عالية جداً، وهذا يتماشى مع تصنيفه كـ "جودة جيدة").
سعر شاي دراعة وموقعه في السوق
شاي دراعة حجم 125 غرام (سعر التقسيط/البيع للمستهلك): 5.00 دراهم مغربية.
لمحة سريعة على مكونات الشاي
البوليفينولات: مثل الكاتيكينات (Catechins) و EGCG، وهي مضادات أكسدة.الكافيين: المنبه الطبيعي.الثيانين (L-Theanine): الحمض الأميني المرتبط بالاسترخاء والتركيز.فيتامينات ومعادن: بكميات قليلة.
هل شاي دراعة آمن؟ (معدل تركيز المبيدات)
الرقابة: المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (ONSSA) هو الجهة المسؤولة عن هذه الرقابة.الحدود المسموحة (MRLs): يتم تطبيق معايير دولية تحدد "الحدود القصوى المسموح بها لبقايا المبيدات" (MRLs). يتم فحص الشاي للتأكد من أن أي بقايا للمبيدات (إن وجدت) لا تتجاوز هذه الحدود الآمنة للاستهلاك.الهدف: ضمان أن الشاي المتداول في السوق، بغض النظر عن سعره أو علامته التجارية، آمن للاستهلاك ضمن المعايير المعتمدة.
خلاصة: شاي دراعة - الخيار الاقتصادي المتاح
السعر: هو نقطة قوته الرئيسية، يجعله في متناول الجميع.الجودة: بناءً على السعر، من المتوقع أن تكون جودته أساسية أو قياسية. ابحث عن الرقم على العلبة (إن وجد) لتأكيد ذلك.الاستخدام: قد يكون مناسباً للاستهلاك اليومي العادي، خاصة عند تحضيره بالطريقة المغربية التقليدية التي تعتمد على إضافة السكر والنعناع بكميات وافرة، مما قد يغطي على بعض الفروقات الدقيقة في جودة الشاي الأساسية.الاختيار الشخصي: إذا كانت الميزانية هي الأولوية، أو إذا كنت تحتاج لكمية صغيرة فقط، فشاي دراعة خيار يستحق النظر. أما إذا كنت تبحث عن تجربة شاي غنية بنكهات معقدة وجودة أوراق عالية، فقد تحتاج للبحث عن خيارات أخرى تحمل رموز جودة أفضل (وعادة ما تكون بسعر أعلى).